المقص الذهبي

يوم الأربعاء قبل العيد كنت أعد العدة للرحيل من قاهرة المعز لأقضي العيد مع الأسرة في أسوان على أن يكون سفري في قطار السابعة يوم الخميس ويالها من أجازة مغرية أملك الفرصة لأتلذذ بدفء شمس أسوان ودفء العائلة معا ..

المهم أني يوم الأربعاء مساء بدأت القصة .. قصة رأس ومقص ..!!!!

الموضوع يا أعزائي مرتبط بالراحة النفسية إلي حد كبير
فليس من الممكن أن تسلم رأسك لأي أحد والسلام ليعبث فيها بمقصه مهما كان ..
ولقد آثرت منذ أن سكنت بهذا الحي الهادئ أن أختار صاحب المقص الذهبي الذي أسلمه رأسي وأنا قرير العين مرتاح البال لأن هذا الشخص لا يتكرر بسهولة لأن الموضوع راحة نفسية كما ذكرت آنفا ..

وبعد طول بحث وجدت ضالتي المنشودة في شاب ورث المهنة عن أبيه وأكثر ما ذادني به ارتباطا هو سببان لا ثالث لهما .. أولهما هو حالة البر الفريدة التي يظهرها لأبيه الذي علمه الصنعة حين يأتي للمحل بين الفينة والفينة .. والسبب الثاني هو أن عصام قليل الكلام لين الجانب هادئ الطباع شامخ النفس عزيز الخاطر ..

وكان عصام يوليني اهتماما كبيرا وخاصا ليس لأنني زبون مميز يأتي له بانتظام كل ثلاثة أسابيع على وجه التقريب ولكن لأنه كان يحب المدرس الذي درس له الإنجليزية ويذكره دوما بكل خير ويرى في شخصي المتواضع صورته التي لا تفارق خاطره .

كان عصام كغيره من شباب هذا الجيل الذي يعافر لكي يخلق لنفسه مكان في عالم مزدحم وكان الشاب لا يكل ولا يمل من العمل واقفا على قدميه ساعات طويلة
ولقد صارحني ذات مرة بأنه حاول كثيرا ألا يعيش في جلباب أبيه ويصنع اسم يخصه لا اسما يورثه لكنه تراجع عن ذلك لسببين اولهما ان حجم الاعمال التي كان يعملها لا يتناسب عائدها مع ما يبذل من جهد وثانيهما وهو الأهم بالنسبة له انه أشفق على أبيه الذي عبر الستين بعدة سنوات ولم يعد يحتمل الوقوف وحيدا بالمحل وخصوصا وان أبنه الاصغر ما زال تلميذا بمدرسة اعدادية.

وكنت كلما ذهبت إلى عصام منحني فكرة جديدة لانه ببساطة يزيل عن راسي ما يثقل كاهله واشعر أن رأسي كبيت مفتوحة كل نوافذه فتتجدد خلايا آرائي وتتفتق افكاري وانظر للأشياء من حولي نظرة غير تقليدية واراها من زوايا مختلفة ..

حتى كان عيد الأضحى المبارك وكنت استعد للعيد استعدادات من نوع خاص لانني كما ذكرت انني كنت مسافرا بعائلتي الصغيرة إلى عائلتي الكبيرة.. صليت العشاء ثم ذهبت إلى عصام ودخلت المحل وعلى غير العادة لم أجد احدا و خصوصا ونحن في موسم .. المهم جلست على الكرسي أطالع وجهى بالمرآه في انتظار عصام

ولكن حدث مالم يخطر على بال
وبعد دقيقة أو اثنتين من انتظار وترقب واستغراب أنني وحدي بالمحل .. جاءني أبوه بالخبر المفجع أن عصام دخل الجيش .. متى وكيف ولماذا وأين ..... ؟؟؟!!!

لم أفق من غمرة تساؤلاتي إلا وأبو عصام وضع الفوطة العريضة الملونة حول عنقي ..
وأحاول أنا ان أعتذر عن أنني لن أحلق اليوم لكنه حلف باغلظ الأيمان بأنه لست بخارج من الصالون إلا وأنا حالق .. يا عمي .. يهديك .. يرضيك .. لا تراجع منه ولا استسلام .. !!!!

أعرف بل أن متأكد بأنه مخاطرة غير محمودة العواقب لكنها إرادة الله ..
كيف لأبي عصام أن يحلق لي والمقص يرتعش بين انامله الضعيفة .. اذعنت وانا في قمة الحرج.. سلمت له راسي وهي تشتعل بالأفكار ..
كيف لو أصاب الرجل رأسي بضربة مقص في مقتل او أصاب شعري بمقص في مفرقه ..
ياويلي لو كان ذلك .. كيف أذهب للمدرسة غدا وخصوصا و مدرستنا تستعد ليوم رياضي جميل وسط اجواء احتفالية .. أغيب وأمري إلى الله ولكن المشكلة هي أنني كيف سأواجه الأسرة التي تنظر مقدمي مرتين في العام؟
دعوته سبحانه وتعالى وهو احق ان يسأل ان ينقذني من براثن مقص ابو عصام ..

مرت الدقائق كأنها دهر وانا أحدق في المرآه ودماغي تغلي كالمرجل .. يداه تتنقل مهتزة بين أنحاء رأسي وقلبي يرتجف خوفا من أن المصيبة آتية لا محالة .. دقائق من العذاب تمر وكأننا في حرب ضروس كلما أبعدت رأسي للأمام جذبني بيديه الضعيفتين للوراء

أين أنت يا عصام ؟!!
ذهبت تخدم الوطن وتركتني لأبيك الذي من الممكن أن يجعلني أضحوكة الوطن لو أصابني بضربة مقص طائشة فكلما اقترب الرجل من أذني أيقنت أنها مقطوعة لا محالة
يلمح خوفي ويحاول أن يطمئنني قائلا : لا تخاف يا أستاذ محمد .. أنا حلاق خبرة ..
آه من خبرة سحقتها السنون وهزت الأيام أناملها .. يرتجف صوت المقص في يده ولا يحدث تلك الأصوات المتتابعة المنتظمة مثلما كان يفعل تلميذه في الصنعة .

وبعد نصف ساعة من العناء انتهى الرجل بسلامة الله من رأسي ليس كما أريد ولكن كما أراد هو .. سلمت أمري لله وقلت لنفسي أنه يمكن تعديل ما جار عليه بمقصه المرتجف
وأراد الرجل مجاملتي ويا ليته ما فعل فاقترب بمقصه من شاربي
وكان ما كان
هذا ما دار في رأسي المنهك من معركة حامية الوطيس
كانت تدور على أرضه من ثوان معدودة
لم اكن اهتم بشاربي كباقي الشباب في سن المراهقة لانني لم اكن قلقا بشأنه فهو مستمر في رحلته على وجهي وعمري ما وضعت عليه موسي قط كما نصحنى البعض حتى يشتد عوده ويقف على وجهي كالصقر كما يقولون..

ثم كانت مقولة أبي الخالدة في أذني منذ كنت صغيرا أن الرجولة ليست شاربا على الوجه .. انما هي تصرفات ومواقف عاقلة تثبت بها للآخرين انك رجل على قدر المسئولية

وخصوصا وأنني أكبر اخوتي فقد كان دائما بارك الله في عمره ومنحه كل صحة وعافية
يربي في روح المسئولية ولقد شعرت برجولتي مبكرا حينما كان يسافر أكون أنا المسئول الأول عن شئون الأسرة وقضاء حاجياتها وكنت أتكلم بلهجة السلطة والكل يطيع دون مناقشة رغم انه لم يكن قد خطت الأيام في في وجهي شاربا

وحينما صرت شابا يافعا كنت انظر له في المرآه محدثا إياه : أنا لست معك أو ضدك

وعلى ماتعود الناس ان يرون شاربا على وجهى فما كنت اتوقع لحظة أن أشاهد انا نفسي بدونه وقد قضى معى كل هذا العمر حتى صار وجوده فعل اعتياد

حتى كان ذلك اليوم الذي وجدت نفسي فيه بلا ....
حتى كان ذلك اليوم الذي وجدت فيه نفسي بلا أمل في أن أثني الرجل عن محاولاته المضنية في أن يجاملني ويظبط شاربي

إن احتمالات حدوث الخطأ في الرأس مقبولة لأن الشعر كثيف وهناك امكانية لتعديل ما جار عليه المقص المرتعش ولكن احتمالات حدوث الخطأ في الشارب غير مقبولة على الاطلاق لأن الخطأ فيه معناه ضياعه كله
فآثرت أن أحافظ على شاربي فصرخت في الرجل رغما عني وبينما أشيح بيده الضعيفة عن شاربي كان بطرف مقصه قد أحدث اصابة بخدي الأيمن حتى سال الدم من وجهي

اعتذر الرجل وقام بتضميد جرحي البسيط ووضع عليه ما يوقف النزف البسيط

قلت لنفسي :
يسيل دمي أنهارا ولا يضيع مني شاربي الذي اعتاد الناس ألا يرون وجهي إلا به

قصة راااااائعة يا مستر

دي موش مجاملة دي حقيقة

والله قصة جميلة يا مستر محمد

ده كأني كنت مع حضرتك
اسلوب حضرتك في السرد راااااااائع

حضرتك كنت مخبي المواهب دي كلها عننا فين بس

في انتظار الجديد

مستر أسواني

قصة رائعة

في انتظار المزيد

أنا كنت شاهد عيان على اللي حصل لمستر محمد الاسواني
قصة واقعية حقيقية واسلوب ولا اروع من حضرتك يا مستر :affraid:

بارك الله فيك يا أديب المدرسة

انا قرأت القصة مرتين
بصراحة لغة رشيقة
سرد جميل وتصاوير مقنعة
تشبيهات قوية وكنايات مؤثرة
اول مرة يكشف لنا الاسواني عن بعض من مواهبه
يارب امنحنى وقتا كي اقرأ قصته الثانية
اخوكم
وليد مصطفى

ايه المواهب دي يا اسواني
انت كنت سايب نفسك للانجليزي ليه ؟
عاوزين حتة عربي حلوة زي دي
بجد روعة بس انا خايف الحلاقين يرفعوا الفيزيتا بعد ان يسمعوا ماحدث

شكرا لكم

ايه الروعه دي يا مستر
حضرتك دائما تفاجئنا عربي و انجليزي

انا عارفه انها الحقيقه
بس طريقة سرد او عرض حضرتك للموضوع فعلا روعه و مفاجأة بالنسبه لي
يمكن عشان اول مرة اجد فيها من يعشق العربيه و الانجليزيه معا و يتقنهما ايضا

English Lover كتب:

انا عارفه انها الحقيقه
بس طريقة سرد او عرض حضرتك للموضوع فعلا روعه و مفاجأة بالنسبه لي
يمكن عشان اول مرة اجد فيها من يعشق العربيه و الانجليزيه معا و يتقنهما ايضا

عاشقة الانجليزية
ان اللغة احساس
فمن احس لغته احساسا عميقا
تعلم لغات الآخرين واتقنها ايضا

والله حضرتك بجد موهووووووب

Prince

انا خمنت وصدق تخميني
وقلت اكيد هلاقي لحضرتك حاجة جديدة هنا
وقد حدث وقرأت وبابا كان قاعد جمبي
ومات على روحه م الضحك ع اللي حصل لحضرتك

بجد امتعتنا يا مستر
ابداع جديد يضاف إلى ابداعاتك بتاعت زماااان
هو حضرتك ما كتبتش قصة ( حبة الفاصوليا ) هنا ف المنتدى

ياريت تنزلها هنا يا مستر

قصة رائعة المفروض يا مستر تعمل كتاب لقصصك الرائعة

اسلوبك روعة يا مستر
بجد روعة

اسلوب رائع انا كنت متخيلة نفسى قاعدة مع حضرتك امطرنا بقصصك الروعة

قصة جميلة جدا يا مستر

شكرا لكم
شكرا برنس
شكرا زينة
شكرا شيكو
شكرا شهرزاد
شكرا عصفورة
شكرا الفراشة الحائرة
شكرا انسان
خليتوني اتغر وافتكر اني بأعرف أكتب قصص كويسة

مفيش شكرا ليا
بجد قصة تحفة يا مستر

موش عارفة اعلق
لان القصة اسلوبها ممتع لدرجة اننا رحنا مع حضرتك عند الحلاق وشفنا كل اللي حصل

وعصام عامل ايه لوقتى؟؟؟
بس جميله القصه

القصة جميلة جدا بس المهم ان حضرتك حافظت على شاربك
مش كدة والاايه
بس بجد اسلوب حضرتك رائع
ومستنين المزيد

شكرا بووكي وماناليزا وصفية وتوتة على جميل ردودكم

القصه تحفه يا مستر

ميرسى ليك يا مستر القصة اكثر من رائعة

بجد اكثر من رائع

اسعدنى ان اعجبتكم
شكرا نودى ونورا وماتريكس

شكرااااا لحضرتك يا مستر اسوانى

الف شكر يا بندق

بجد قصة مثيره جدا شكرا يا مستر

من اروع ما قرأت يا مستر
بجد راااااااااااااااائعة

بجد قصه جميله يا مستر
بس المهم ايه اخبار عصام